قديمًا في بدايةِ التَّاريخِ.. بَنَتِ الملائكةُ بيتًا في الأرض..
في مكَّةَ المكرَّمةِ..
كان مُربَّعَ الشَّكل فسُمِّيَ: الكعبة.
بَنتْه الملائكةُ لآدمَ عليه السَّلام.. ليكونَ مسجدًا يزورُه كلَّ حِينٍ، ويعبدَ اللهَ عزَّ وجلَّ عنده..
ويطوفُ حوله هو والصَّالحون من أبنائه..
يُسبِّحون الله تعالى.. ويَحمدونه.. ويُكبِّرونه.. ويَذكرونه ذكرًا كثيرًا..
وصارتْ هذه الزيارة تسمى "حجًّا"..
وصار المسجدُ يسمى "بيت الله الحرام"..
لأنَّه من الحرام أن يُقْتَلَ فيه أحدٌ، أو يُحَارَبَ فيه أحدٌ.. أو تُنْتَهَك فيه حُرمةٌ..
ومرَّتِ السَّنواتُ..
وجاء مِن بعدِ آدمَ عليه السلام أنبياءٌ ورُسلٌ كثيرون..
كانوا جميعًا يحجُّون للكعبةِ المشرَّفة..
منهم سيِّدنا إبراهيمُ عليه السَّلام.. أبو الأنبياء..
مرَّةً أمره اللهُ تعالى أن يصعدَ فوقَ مكانٍ عالٍ.. ويُؤذِّن [يدعو] في النَّاس بالحجِّ..
فصعد ودَعا النَّاسَ جميعًا أن يأتوا لزيارةِ الكعبةِ المشرَّفة..
وكانتِ المعجزةُ العجيبةُ..
أسمعَ اللهُ تعالى صوتَه لكلِّ إنسانٍ في الدُّنيا.. حتى هؤلاء الذين لم يولدوا بعد.. سمعوا في ظهور آبائهم صوت سيدنا إبراهيم يدعو الناس للحج..
قال تعالى: ( وأذِّنْ في النَّاسِ بِالحَجِّ يأتوك رجالًا وعلى كلِّ ضامرٍ يَأْتِينَ مِن كلِّ فجٍّ عميقٍ)..
أيْ: ادعُ النَّاسَ للحجِّ.. يأتوا إليك يحجُّون الكعبةَ بيتَ اللهِ الحرامِ وهم سائرون على أرجُلِهم.. أو راكبين على إبِلهم..
يأتون من أنحاءِ الأرض.. كلِّها..
ومن أبعدِ الأماكنِ في الدُّنيا..
عيونُهم تشتاقُ لرؤيةِ الكعبةِ المشرَّفةِ..
وقلوبُهم تدمع من الشَّوْقِ إلى مغفرةِ الله تعالى..
كلُّ واحدٍ منهم له أملٌ عظيمٌ.. وحُلْمٌ مُقِيمٌ..
يرجون من الله رحمةً تشرح صدورَهم في الدُّنيا..
ويسكنون بها الجنَّة في الآخرةِ..
كلُّ الذين كتب اللهُ لهم الحجَّ.. استمعوا دعوةَ سيِّدنا إبراهيمَ عليه السَّلام..
وها هُمُ الآنَ أمامَ عينيك بُنيَّ الحبيب..
يأتون كما أتى آباؤهم وأجدادُهم..
يدعون ويعبُدون..
إن وفَّقك اللهُ وكنتَ واحدًا منهم،
فادعُ اللهَ كثيرًا كثيرًا
بالجنَّةِ لك ولأقاربِك وأصحابِك..
وأن يمُنَّ على المسلمين جميعًا بالأمنِ والسَّلامِ..