يميز بعض الآباء والأمهات بين الأبناء ويفرقون بينهم في المعاملة، أما بحسب العمر: الأصغر علي الأكبر، أو حسب الجنس: الولد علي البنت أو حسب الشكل أو الذكاء إلى آخر هذه الصفات الذاتية.
ويجب أن ينتبه الأبوان أن لهذه المعاملة مجموعه من الآثار السالبة منها:
- العزلة والانطواء (نتيجة شعوره انه غير مرغوب فيه)
- الإحساس بالنقص والإحباط
- العداوة والكره بين الإخوة
- الغيرة.
- عقدة النقص واحتقار الذات
وهكذا يظهر أن المفاضلة بين الأولاد خطيرة، ومن أعظم العوامل التي تسبب الانحراف والواقع خير شاهد على ذلك. والمفاضلة تختلف، فمنها المفاضلة في العطاء، والمفاضلة في المعاملة، والمفاضلة في المحبة، أو غير ذلك من أنواع المفاضلة والتمييز الذي ذمه الشرع وحرمه ومنعه، لما ينتج عنه من عواقب وخيمة، وآثار جسيمة.
فظاهرة عدم العدل بين الأولاد لها أسوأ النتائج في الانحرافات السلوكية والنفسية، لأنها تولد الحسد والكراهية، وتسبب الخوف والحياء، والانطواء والبكاء، وتورث حب الاعتداء على الآخرين لتعويض النقص الحاصل بسبب التفريق بين الأولاد، وقد يؤدي التفريق بين الأولاد إلى المخاوف الليلية، والإصابات العصبية، وغير ذلك من الأمراض غير العضوية، مما يضطر الكثير من الأولاد إلى مراجعة مستشفيات الصحة النفسية.
موقف الإسلام من التفريق بين الأبناء
لأن الدين الإسلامي دين العدل والإنصاف فهو يمنع كل أنواع الظلم، ومنه منع التفريق بين الأبناء في المعاملة ولقد جاءت الآيات والأحاديث متضافرة مشهورة معلومة، دالة على وجوب العدل، محذرة من الحيف والظلم والجور، أو التفريق بين الأبناء في الهبات والعطايا، فمن الكتاب العزيز:
1- قال تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون".
2- قال تعالى: "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون".
ومن الأحاديث النبوية الشريفة:
1- عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولُوا" (أخرجه مسلم والنسائي).
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى وصية حاف في وصيته فيختم له بشر عمله، فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة، فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله، فيدخل الجنة" (أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب، وأخرجه ابن ماجة).
3- وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، أن أمه بنت رواحة سألت أباه بعض الموهوبة من ماله لابنها فالتوى بها سنة، ثم بدا له، فقالت: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وهبت لابني، فأخذ أبي بيدي، وأنا غلام فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إن أم هذا، بنت رواحة، أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: "أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: "فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور" (أخرجه مسلم).
4- وقال الحسن: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذ جاء صبي حتى انتهى إلى أبيه، في ناحية القوم، فمسح رأسه وأقعده على فخذه اليمنى، قال: فلبث قليلاً، فجاءت ابنة له حتى انتهت إليه، فمسح رأسها وأقعدها في الأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فهلا على فخذك الأخرى"، فحملها على فخذه الأخرى، فقال صلى الله عليه وسلم: "الآن عدلت".