بُنَيَّ الحبيبُ..
قد يستطيعُ النَّاس أنْ يَعُدُّوا نجومَ السَّماءِ..
غيرَ أنَّهم لا يستطيعون أن يعدُّوا نِعَمَ اللهِ عليهم..
هُو الَّذي قال ذلك سبحانَه:
قال تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)
وقد تتعجَّبُ أنتَ حِينَ تواجه هذه الحقيقةَ..
وقد تظنُّ أنَّك تستطيعُ عَدَّ النِّعَمِ..
هيَّا ابدأْ:
السَّمعُ.. البَصَرُ.. الكلام.. الشَّمُّ.. السَّلامةُ.. الصِّحَّةُ.. القوَّةُ.. المالُ.. السَّعادةُ..
هيَّا أكمِلْ:
الأبُ والأمُّ.. الأقرباءُ.. الأصحابُ.. المدرسةُ.. المأوَى..
هيَّا أكملْ أيضًا:
الذَّكاء.. اللبَاقةُ.. الظُّرْفُ.. الجمال..
ماذا أيضًا..
الفواكهُ.. الطَّعام.. الشَّراب.. الماء.. الهواء.. الملبس..
ماذا أيضًا:
رُبَّما صِرْتَ تعصرُ ذهنَك..
ربما توقَّفت..
لكنِ اعلَمْ أنَّ ما يُمكن أن تُدركَه من نِعَمِ اللهِ التي تراها بعينِك.. أقلُّ بكثيرٍ جدًّا جدًّا من النِّعم التي لا تراها بعينيك.. ولا تُدركها بخيالِك.. بل ما تجهلُه من نِعَمِ الله تعالى لا يُقارَن أصلاً بما تعلمُه..
سأُعطيك - بُنيَّ الحبيبُ - مثالاً واحدًا:
الأوَّل من النِّعَمِ الخافيةِ: أنتَ تأكلُ وتشربُ وتنامُ.. ولكنْ داخلَ جسمِك أجهزةٌ لا تنام.. مَعِدَةٌ تهضم وأمعاءُ تستنبطُ الغِذاءَ من الطعامِ المهضومِ.. هذه تعملُ ثم تُعطي هذه.. مصنعٌ ضخمٌ يعملُ وأنتَ لا تحسُّ به..
هل تتصوَّر لو توقَّف هذا المصنعُ حِينَ تنامُ أنتَ.. ما الذي كان سيحدثُ؟..
كان كلُّ النَّاس سيُضطرُّون إلى ألَّا يناموا !!..
حتى لا تتوقَّفَ معدتُهم عن الهضم.. وحتى يتوزَّعَ الغذاءُ في أبدانِهم..
ولكنَّ اللهَ تعالى كَفَاكَ ذلك.. فنَمْ أنتَ قريرَ العينِ هادىءَ البالِ.. وجسمُك من الدَّاخل يعمل..
يعملُ في انتظامٍ ودوامٍ..
***********