بُنيَّ الحبيب
هاجر الرَّسولُ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ـ من مكَّة إلى المدينة..
سَار َفي طريقٍ وعر ٍشاقٍّ شديدٍ..
يُواجه الأخطارَ هو وصاحبُه أبو بكرٍ.. واللهُ تعالى حافظُه.. وناصرُه..
ظلَّ خمسةَ عشرَ يومًا حتى وصل إلى مشارفِ المدينة..
وكان هذا اليوم يومًا عظيمًا في تاريخ الإسلام..
بدأتْ به دولةُ الإسلامِ القويَّةُ..
وبدأ به انتشارُ الإسلامِ في أنحاءِ الأرض يُبدِّد الظُّلْمَ والظُّلُماتِ..
واستمرَّ الإسلامُ عزيزًا.. يحدثُ فيه كل يوم حدثٌ عظيمٌ..
حتى كثرُتِ الأحداثُ العظيمةُ.. وتباعد الزمان..
فلمَّا كان زمانُ عُمَرَ بنُ الخطَّابِ رضي اللهُ عنه.. أراد أن يضعَ للمسلمين تاريخًا يضمُّ أحداثَهم.. ويحفظَ أيَّامَهم..
فاستشار الصحابة الكرام..
فوقع الاختيارُ على اتِّخاذِ هجرةِ النبي صلى الله عليه وسلم تاريخًا.. بحيثُ يُقال:
قبلَ الهجرة بعامٍ.. بعدَ الهجرةِ بعامٍ..
قبلَ الهجرة بعشرِ سنين.. بعد الهجرةِ بعشر سنين..
وهكذا..
وها نحنُ الآنَ بعد هجرةِ الرَّسول صلى الله عليه وسلم بألف وأربع مئةٍ وخمسة وثلاثين عامًا..
بُنيَّ الحبيب..
هل تدري لماذا اختار سيِّدُنا عمر رضي الله عنه هجرةَ الرسول بدايةً لتاريخ المسلمين ولم يخترْ ميلادَه صلى الله عليه وسلم؟..
إنَّ الهجرةَ حدثٌ عظيمٌ؛ لأنَّه يُؤسِّس لقوَّةِ الإسلام ونصرِ الإسلام وانتشارِ الإسلام..
فاليومُ الذي بدأتْ للإسلام فيه دولةٌ قويَّةٌ يُعلي الحقُّ صوتَها.. ويرهب الظالمون سيفَها يستحقُّ أن يُجعلَ بدايةً لتاريخ المسلمين..
بُني الحبيب..
إنَّ كلَّ عامٍ هجريٍّ يمرُّ عليك.. لا بُدَّ أن يُذكِّرك بمسؤوليَّةٍ كبيرةٍ..
نعم مسؤوليَّةٌ..
رُبمَّا ما زلتَ صغيرًا.. لكنْ هناك مسؤوليَّةٌ يجب عليك القيامُ بها..
هذه المسؤولية: أن تُساهِمَ في حفظِ قوة الإسلام وزيادةِ هذه القوَّة..
إنَّك لكي تصنعَ ذلك لن تُحاربَ..
ولن تُهاجرَ.. ولن تسافرَ..
ولكن ليتحقَّقَ ذلك..
يجب عليك أن تكونَ أنت مؤمنًا قويًّا
حتى يظلَّ انتشارُ الإسلام في الأرض قويًّا..
بُني الحبيب..
كلُّ عامٍ وأنت بخيرٍ..