الله هو المُدبِّرُ..
بُنَيَّ الحبيبُ
لكلِّ إنسانٍ عقلٌ يعرف به النَّفعَ مِن الضَّررِ..
والصَّوابَ من الخطأ..
وما ينبغي فعلُه وما ينبغي تجنُّبُه..
وأنت قد تتعجَّب حين ترى طفلًا ذكيًّا..
أو عاملاً ماهرًا..
ويزداد عجبُنا وإعجابُنا أكثرَ..
حِينَ نرى مُدِيرًا تحتَ يديه موظَّفون كثيرون ورُغم ذلك يستطيع ببراعةٍ أن يُدِيرَ العملَ..
ويزداد إعجابُنا أكثرَ وأكثرَ حين نرى ملكًا من الملوكِ تحت يديه مُلْكٌ كبيرٌ.. يُديره بالعدلِ والسَّماحةِ..
ويُوصِلُ إلى كلِّ إنسانٍ حقَّه..
ويفصل بين الظَّالمِ والمظلومِ..
ويقضي للمحتاج حاجتَه..
إنَّه أمرٌ عجيبٌ حقًّا..
لكنَّ الأعجبَ والأعجبَ..
أنَّ هناك ملكًا أكبرَ بكثيرٍ وكثيرٍ..
لا دولةَ ولا دولتين..
ولا قارَّةَ ولا قارَّتين..
ولا كوكبًا ولا كوكبين..
ولا عالـَمًا ولا عالمين..
بل هو ملكٌ لا يستطيع الإنسانُ تصوُّرَه مِن شدَّةِ ضخامته.. واتِّساعِ مساحتِه.. وتعقُّدِ أموره..
يُديره اللهُ تعالى ويُدبِّره..
بأهونَ ممَّا يحرِّك الإنسانُ ريشةً بين أصبعيه..
يعلم فيه كلَّ صغيرٍ وكبيرٍ..
وكلَّ قريبٍ وبعيدٍ..
ويُدبِّر فيه كلَّ شيءٍ..
يُلهم فيه الطيرَ كيف يطير.. وكيف يصطاد.. وكيف يبني عشَّه ويُحكم بناءَه.. وكيف يُربِّي ويُطعم أبناءه..
ويُلهم فيه النَّحلَ كيف يصنع العسلَ اللذيذَ.. ويبني بيتَه المتينَ..
ويُلهم فيه القطعانَ كيف تُهاجر إلى أماكنِ العُشب والكَلَأِ..
في مساراتٍ عجيبةٍ في الصَّحراء.. لا تضلُّ ولا تضيع..
ويلهم فيه الحشراتِ كيف تختفي من أعدائها.. وكيف تدافع عن نفسها..
ويلهم فيه كلَّ حيوانٍ إلى ما يُصلح حياتَه.. ويتجنَّب به الهلاكَ..
وهي كائناتٌ لا عقلَ لها..
ولا نهايةَ لعددِها..
يدبِّر الله تعالى كلَّ كائنٍ منها..
قال تعالى: ( وَمَا مِن دابَّةٍ في الأرضِ إلَّا على اللهِ رزقُها ويعلم مُستقرَّها ومُستوْدَعها كلٌّ في كتابٍ مُّبِينٍ)
وقال تعالى: ( يُدَبِّرُ الأمرَ مِنَ السَّماءِ إلى الأرضِ)
فسُبحانَ اللهِ ربِّ العالمين..