[size=24]
يحبُّ النَّاسُ الكرمَ.. ويحبُّون الإنسانَ الكريمَ..
فالإنسانُ الكريمُ دائمُ النَّفعِ للآخَرين.. لا ينتظرُ إلَّا رضا الله تعالى..
ولكنَّ كلَّ كريمٍ هو بشرٌ غيرُ كاملٍ.. كرمُه على قدرِه.. ومهما كان الإنسانُ كريمًا فلن يُعطيَ من كلِّ شيءٍ.. ولن يعطيَ كلَّ شيءٍ..
فصاحبُ المالِ يُعطي الناسَ مِن مالِه.. ولكنْ لن يُعطيَهم كلَّ مالِه..
وصاحبُ العلمِ يُعطي العلمَ.. ولكنْ لا يعطي كلَّ النَّاسِ علمَه..
وصاحبُ القوَّةِ يُساعد الناسَ ويُعاونهم، ولكنْ قد يأتي وقتٌ يمرضُ فيه فيعجزُ عن مُعاونتِهم..
كلُّ واحدٍ مِنْ هؤلاءِ كريمٌ.. ولكنْ مِنَ الطَّبيعيِّ أن يكونَ لكرمِه حدودٌ..
واحدٌ فقط هو الذي ليس لكرمِه حدودٌ..
اللهُ ربُّ العالمين..
فإنَّه تعالى صاحبُ كلِّ أموالِ الأرض؛ لأنَّه هو الذي خلقها..
هو الذي خَلَقَ الذَّهبَ والفضَّةَ.. وخلق الحديدَ والمعادنَ.. وخلقَ الزُّروعَ والثِّمارَ.. وأجرى لها العيونَ والآبارَ..
ورُغم أنَّ المالَ مالُه تعالى إلَّا أنَّه تعالى مَكَّنَ الناسَ منه..
فهذا لديه الألوفُ.. وهذا لديه الملايينُ.. وهذا لديه الملياراتُ..
إنَّه تعالى يُعطي عبادَه الفُقراءَ حتَّى يصيروا من أغنَى الأغنياء..
مَنْ مِنَ الناسِ ـ يا بُنَيَّ ـ يُمكن أن يعطيَ فقيرًا حتى يجعلَه غنيًّا؟..
إنَّه تعالى كريمٌ.. وكرمُه بغيرِ حدودٍ..
إنَّ مِن عجائبِ كرمِه تعالى أنَّه يُعطي مَن كفر به كما يُعطي مَن آمَنَ به..
ومن عجائبِ كرمه أنَّه يعطي عبادَه قبل أن يسألوه العطاءَ..
فكلُّ الناس وُلِدُوا لا يمتلكون شيئًا.. ولا يعلمون شيئًا.. ثمَّ أعطاهم اللهُ وأعطاهم
حتى صار الفقيرُ غنيًّا، وصار الضَّعيفُ قويًّا، وصار الجاهلُ عالـمًا..
ومن عجائبِ كرمه تعالى أنه يُعطي الذي يعطي غيره من الناس..
فإذا أنفقْتَ على فقيرٍ حَوْلَكَ أنفق اللهُ عليك.. وبارك لك.. وخلَّف عليك بأضعافِ ما أنفقتَ..
رُغم أنه تعالى لا يستفيد من إنفاقِك على الآخرين؛ فهو أغنى الأغنياء.. لكنه لا يُفيض مِن كرمه على مَن يُكرم الناس..
إنه حقًّا أكرمُ الأكرمين..